أمُّ حسان
كانت أمُّ حسان من
السَّلفِ - رحمها الله - وكانت زاهدةً عابدة، دخل عليها سفيانُ الثوري
- رحمه الله - وهو من أئمَّةِ المسلمين وساداتِهم في زمانه، فلم يرَ في
بيتِها غير قطعة حصير، فقال لها: لو كتبتِ رقعةً إلى بعضِ بني أعمامِك
ليغيروا من سوءِ حالك، فقالت: يا سفيان، لقد كنتَ في عيني أعظمَ وفي
قلبي أكبر من ساعتِك هذه، أمَّا إنِّي لم أسأل الدُّنيا من يملكُها
فكيف أسألُ من لا يملكها، يا سفيان، واللهِ ما أحبُّ أن يأتيَ عليَّ
وقتٌ وأنا متشاغلة فيه عن اللهِ بغير الله، فبكى سفيان.
فهذه - يا رجال -
امرأةٌ لا كنساءِ اليوم، فلم تكن تعرفُ الجلوسَ أمام الفضائياتِ ساعات،
أو الحديثَ بالهاتفِ طول الأوقات، ولا سماعَ أغاني ماجنة تثقل الميزان
بالسَّيئات، أو التجولَ في الأسواق لقتلِ الأوقات، أو الجلوسَ في مجالسَ
لتأكلَ فيها لحومَ البشر، كلا، ما كان هذا حالها، بل لم تكن ترضى بأن
ينشغلَ وقتُها بشيءٍ غير ذكر الله، فرحمها الله من زاهدةٍ عابدة.
فليسألِ المسلمُ نفسَه كيف حاله مع الله؟
كيف حالُ لسانه مع ذكر الله؟ كيف
حال قلبه مع الله؟
أنا أذكِّرُكم بما
قاله أحدُ الصَّالحين؛ وهو عبدُ الله بن عَوْن، هذا الرجلُ الصَّالحُ
قال كلمةً رائعة، فيها خلاصُ النَّاسِ من همومِهم ومشاكلهم ومما يعانون
منه، اسمعوا كلمته الرَّائعة يقول فيها: "ذِكْرُ النَّاسِ داء وذِكْرُ
اللهِ دواء"، وقال الحافظُ الذَّهبي معلِّقًا على هذه العبارة: "إِي
والله، فالعجبُ منَّا ومِن جَهلِنا، كيفَ ندَعُ الدَّواء ونقتحِمُ الدَّاء؟"،
فأين من يحافظُ على ذكرِ الله؟
أين من يعوِّد لسانَه على ذكر الله؟
هذه نماذجُ مشرقة من نساءِ ذلك الجيلِ العظيم،
فأين المقتدون؟
وهذه مناراتٌ فأين المهتدون؟
وهذه مسالكُ فأين السَّائرون؟
فيا لله، أين نحن من هؤلاء؟!
هؤلاء نسوةٌ أيها المؤمنون، نساءٌ مؤمنات صالحات قانتات:
فَلَوْ كَانَ النِّسَاءُ كَمَنْ ذَكَرْنَا
لَفُضِّلَتِ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ
فَمَا التَّأْنِيثُ لاِسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ
وَلاَ
التَّذْكِيرُ فَخْرٌ لِلْهِلاَلِ
اللهَ أسالُ أن يجعلَنا
ممن يستمعون القولَ فيتبعون أحسنه.
|
الأحد، 30 أكتوبر 2016
- تعليقات بلوجر
- تعليقات الفيس بوك
Item Reviewed: أمُّ حسان
Rating: 5
Reviewed By: chalhaoui