طلحة
بن عبيد الله
أحد
العشرة المبشرين بالجنة
من سره أن
ينظر الى رجل يمشي على الأرض "
" وقد قضى نحبه ، فلينظر الى طلحة
حديث شريف
ايمانه
لقد كان
طلحة -رضي الله عنه- من أثرياء قومه ومع هذا نال حظه من اضطهاد
المشركين ، وهاجر الى المدينة وشهد المشاهد كلها مع الرسول -صلى الله
عليه وسلم- الا غزوة بدر ، فقد ندبه النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه
سعيد بن زيد الى خارج المدينة ، وعند عودتهما عاد المسلمون من بدر ،
فحزنا الا يكونا مع المسلمين ، فطمأنهما النبي -صلى الله عليه وسلم-
بأن لهما أجر المقاتلين تماما ، وقسم لهما من غنائم بدر كمن شهده وقد
سماه الرسول الكريم يوم أحُد ( طلحة الخير )وفي غزوة العشيرة ( طلحة
الفياض )ويوم حنين ( طلحة الجود )
بطولته يوم أحد
في
أحدأبصر طلحة -رضي الله عنه- جانب المعركة الذي يقف فيه الرسول -صلى
الله عليه وسلم- فلقيه هدفا للمشركين ، فسارع وسط زحام السيوف والرماح
الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرآه والدم يسيل من وجنتيه ، فجن
جنونه وقفز أمام الرسول -صلى الله عليه وسلم- يضرب المشركين بيمينه
ويساره ، وسند الرسول -صلى الله عليه وسلم وحمله بعيدا عن الحفرة التي
زلت فيها قدمه ، ويقول أبو بكر -رضي الله عنه- عندما يذكر أحدا :( ذلك
كله كان يوم طلحة ، كنت أول من جاء الى النبي -صلى الله عليه وسلم-
فقال لي الرسول ولأبي عبيدة بن الجراح :"دونكم أخاكم" ونظرنا ، واذا به
بضع وسبعون بين طعنة وضربة ورمية ، واذا أصبعه مقطوعة ، فأصلحنا من
شأنه )
وقد نزل قوله تعالى :"
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى
نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلا "
تلا رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية أمام الصحابة الكرام ، ثم أشار
الى طلحة قائلا :( من سره أن ينظر الى رجل يمشي على الأرض ، وقد قضى
نحبه ، فلينظر الى طلحة ) ما أجملها من بشرى لطلحة -رضي الله عنه- ،
فقد علم أن الله سيحميه من الفتنة طوال حياته وسيدخله الجنة فما أجمله
من ثواب
عطائه وجوده
وهكذا عاش
طلحة -رضي الله عنه- وسط المسلمين مرسيا لقواعد الدين ، مؤديا لحقوقه ،
واذا أدى حق ربه اتجه لتجارته ينميها ، فقد كان من أثرى المسلمين ،
وثروته كانت دوما في خدمة الدين ، فكلما أخرج منها الشيء الكثير ،
أعاده الله اليه مضاعفا ، تقول زوجته سعدى بنت عوف :( دخلت على طلحة
يوما فرأيته مهموما ، فسألته : ما شأنك ؟فقال : المال الذي عندي ، قد
كثر حتى أهمني وأكربنيوقلت له : ما عليك ، اقسمهفقام ودعا الناس ، وأخذ
يقسمه عليهم حتى ما بقي منه درهما )
وفي احدى الأيام باع أرضا له بثمن عال ، فلما رأى المال أمامه فاضت
عيناه من الدمع وقال :( ان رجلا تبيت هذه الأموال في بيته لا يدري
مايطرق من أمر ، لمغرور بالله )فدعا بعض أصحابه وحملوا المال معه ومضى
في الشوارع يوزعها حتى أسحر وما عنده منها درهم
وكان -رضي الله عنه- من أكثر الناس برا بأهله وأقاربه ، وكان يعولهم
جميعا ، لقد قيل :( كان لا يدع أحدا من بني تيم عائلا الا كفاه مئونته
، ومئونة عياله )( وكان يزوج أياماهم ، ويخدم عائلهم ، ويقضي دين
غارمهم )ويقول السائب بن زيد :( صحبت طلحة بن عبيد الله في السفر و
الحضر فما وجدت أحدا ، أعم سخاء على الدرهم ، والثوب ، والطعام من طلحة
)
طلحة والفتنة
عندما
نشبت الفتنة في زمن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أيد طلحة حجة
المعارضين لعثمان ، وزكى معظمهم فيما ينشدون من اصلاح ، ولكن أن يصل
الأمر الى قتل عثمان -رضي الله عنه- ، للكان قاوم الفتنة ، وما أيدها
بأي صورة ، ولكن ماكان كان ، أتم المبايعة هو والزبير لعلي -رضي الله
عنهم جميعا- وخرجوا الى مكة معتمرين ، ومن هناك الى البصرة للأخذ بثأر
عثمان
وكانت ( وقعة الجمل ) عام 36 هجري طلحة والزبير في فريق وعلي في الفريق
الآخر ، وانهمرت دموع علي -رضي الله عنه- عندما رأى أم المؤمنين (
عائشة ) في هودجها بأرض المعركة ، وصاح بطلحة :( يا طلحة ، أجئت بعرس
رسول الله تقاتل بها ، وخبأت عرسك في البيت ؟)ثم قال للزبير :( يا زبير
: نشدتك الله ، أتذكر يوم مر بك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن
بمكان كذا ، فقال لك : يا زبير ، الا تحب عليا ؟؟فقلت : ألا أحب ابن
خالي ، وابن عمي ، ومن هو على ديني ؟؟فقال لك : يا زبير ، أما والله
لتقاتلنه وأنت له ظالم ) فقال الزبير :( نعم أذكر الآن ، وكنت قد نسيته
، والله لاأقاتلك )
الشهادة
وأقلع طلحـة
و الزبيـر -رضي الله عنهما- عن الاشتراك في هذه الحرب ، ولكن دفعـا
حياتهما ثمنا لانسحابهما ، و لكن لقيا ربهما قريرة أعينهما بما قررا ،
فالزبير تعقبه رجل اسمه عمرو بن جرموز وقتله غدرا وهو يصلي ، وطلحة
رماه مروان بن الحكم بسهم أودى بحياته
وبعد أن انتهى علي -رضي الله عنه- من دفنهما ودعهما بكلمات أنهاها
قائلا :( اني لأرجو أن أكون أنا وطلحـة والزبيـر وعثمـان من الذين قال
الله فيهم :( ونزعنا ما في صدورهم من غل اخوانا على سرر متقابلين )ثم
نظر الى قبريهما وقال :( سمعت أذناي هاتان رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- يقول :( طلحة و الزبير ، جاراي في الجنة )0
قبر طلحة
لمّا
قُتِلَ طلحة دُفِنَ الى جانب الفرات ، فرآه حلماً بعض أهله فقال :( ألاّ
تُريحوني من هذا الماء فإني قد غرقت )قالها ثلاثاً ، فأخبر من رآه ابن
عباس ، فاستخرجوه بعد بضعة وثلاثين سنة ، فإذا هو أخضر كأنه السِّلْق ،
ولم يتغير منه إلا عُقْصته ، فاشتروا له داراً بعشرة آلاف ودفنوه فيها
، وقبره معروف بالبصرة ، وكان عمره يوم قُتِلَ ستين سنة وقيل أكثر من
ذلك
|