عبد الرحمن بن عوفأحد العشرة المبشرين بالجنة" يا بن عوف إنك من الأغنياء ، وإنك ستدخل الجنة
حَبْوا ، فأقرض
الله يُطلق لك قدميك "
حديث شريف عبد الرحمن بن عوفأحد العشرة المبشرين بالجنة
عبد
الرحمن بن عوف أحد الثمانية السابقين الى الإسلام ، عرض عليه أبو بكر
الإسلام
فما غُـمَّ عليه الأمر ولا أبطأ ، بل سارع الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- يبايعه وفور إسلامه حمل حظـه من اضطهاد المشركين ، هاجر الى الحبشة الهجـرة الأولى والثانيـة ، كما هاجر الى المدينـة مع المسلميـن وشهـد المشاهد كلها ، فأصيب يوم أُحُد بعشريـن جراحا إحداها تركت عرجا دائما في ساقه ، كما سقطت بعـض ثناياه فتركت هتما واضحا في نطقه وحديثه التجارة
كان -رضي
الله عنه- محظوظا بالتجارة إلى حد أثار عَجَبه فقال :( لقد رأيتني لو
رفعت حجرا لوجدت تحته فضة وذهبا )وكانت التجارة عند عبد الرحمن بن عوف
عملاً وسعياً لا لجمع المال ولكن للعيش الشريف ، وهذا ما نراه حين آخى
الرسول -صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار ، فآخى بين عبد
الرحمن بن عوف و سعد بن ربيع ،فقال سعد لعبد الرحمن :( أخي أنا أكثر
أهل المدينة مالا ، فانظر شطر مالي فخذه ، وتحتي امرأتان ، فانظر
أيتهما أعجب لك حتى أطلّقها وتتزوجها )فقال عبد الرحمن :( بارك الله لك
في أهلك ومالك ، دُلوني على السوق )وخرج الى السوق فاشترى وباع وربح
حق الله
كانت
تجارة عبد الرحمن بن عوف ليست له وحده ، وإنما لله والمسلمون حقا فيها
، فقد سمع الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول يوما :( يا بن عوف إنك من
الأغنياء ، وإنك ستدخل الجنة حَبْوا ، فأقرض الله يُطلق لك قدميك )ومنذ
ذاك الحين وهو يقرض الله قرضـا حسنا ، فيضاعفـه الله له أضعافـا ، فقد
باع يوما أرضا بأربعين ألف دينار فرّقها جميعا على أهله من بني زُهرة
وأمهات المسلمين وفقراء المسلمين ،وقدّم خمسمائة فرس لجيوش الإسلام ،
ويوما آخر ألفا وخمسمائة راحلة
وعند موته أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله ، وأربعمائة دينار لكل من بقي ممن شهدوا بدرا حتى وصل للخليفة عثمان نصيبا من الوصية فأخذها وقال :( إن مال عبد الرحمن حلال صَفْو ، وإن الطُعْمَة منه عافية وبركة )وبلغ من جود عبد الرحمن بن عوف أنه قيل :( أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله ، ثُلث يقرضهم ، وثُلث يقضي عنهم ديونهم ، وثلث يصِلَهم ويُعطيهم )وخلّف بعده ذهبُ كثير ، ضُرب بالفؤوس حتى مجلت منه أيدي الرجال قافلة الإيمان
في أحد
الأيام اقترب على المدينة ريح تهب قادمة اليها حسبها الناس عاصفة تثير
الرمال ، لكن سرعان ما تبين أنها قافلة كبيرة موقَرة الأحمال تزحم
المدينة وترجَّها رجّا ، وسألت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- :(
ما هذا الذي يحدث في المدينة ؟)وأُجيبت أنها قافلة لعبد الرحمن بن عوف
أتت من الشام تحمل تجارة له فَعَجِبَت أم المؤمنين :( قافلة تحدث كل
هذه الرجّة ؟)فقالوا لها :( أجل يا أم المؤمنين ، إنها سبعمائة راحلة )
وهزّت أم المؤمنين رأسها وتذكرت :( أما أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول :( رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حَبْوا )ووصلت هذه الكلمات الى عبد الرحمن بن عوف ، فتذكر أنه سمع هذا الحديث من النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مرة ، فحثَّ خُطاه الى السيدة عائشة وقال لها :( لقد ذكَّرتني بحديث لم أنسه )ثم قال :( أما إني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها وأقتابها وأحْلاسِها في سبيل الله )ووزِّعَت حُمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حوله الخوف
وثراء عبد
الرحمن -رضي الله عنه- كان مصدر إزعاج له وخوف ، فقد جيء له يوما بطعام
الإفطار وكان صائما ، فلما وقعت عليه عيناه فقد شهيته وبكى ثم قال :(
استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني فكُـفّـن في بردة إن غطّت رأسه بدت
رجلاه ، وإن غطّت رجلاه بدا رأسه ، واستشهد حمزة وهو خير مني ، فلم
يوجد له ما يُكَـفّـن فيه إلا بردة ، ثم بُسِـطَ لنا في الدنيا ما
بُسـط ، وأعطينا منها ما أعطينا وإني لأخشى أن نكون قد عُجّلـت لنا
حسناتنا )
كما وضع الطعام أمامه يوما وهو جالس مع أصحابه فبكى ، وسألوه :( ما يبكيك يا أبا محمد ؟) قال :( لقد مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير ، ما أرانا أخّرنا لما هو خير لنا ) وخوفه هذا جعل الكبر لا يعرف له طريقا ، فقد قيل :( أنه لو رآه غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه ، ما استطاع أن يميزه من بينهم ) الهروب من السلطة
كان عبد
الرحمن بن عوف من الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة لهم من
بعده قائلا :( لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض )وأشار الجميع الى عبد
الرحمن في أنه الأحق بالخلافة فقال :( والله لأن تُؤخذ مُدْية فتوضع في
حَلْقي ، ثم يُنْفَذ بها إلى الجانب الآخر ، أحب إليّ من ذلك )وفور
اجتماع الستة لإختيار خليفة الفاروق تنازل عبد الرحمن بن عوف عن حقه
الذي أعطاه إياه عمر ، وجعل الأمر بين الخمسة الباقين ، فاختاروه ليكون
الحكم بينهم وقال له علي -كرم الله وجهه- :( لقد سمعت رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- يصفَك بأنك أمين في أهل السماء ، وأمين في أهل الأرض )فاختار
عبد الرحمن بن عوف ( عثمان بن عفان ) للخلافة ، ووافق الجميع على
إختياره
وفاته
في العام
الثاني والثلاثين للهجرة جاد بأنفاسه -رضي الله عنه- وأرادت أم
المؤمنين أن تخُصَّه بشرف لم تخصّ به سواه ، فعرضت عليه أن يُدفن في
حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر ، لكنه استحى أن يرفع نفسه الى
هذا الجوار ، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات
بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبهوكانت يتمتم وعيناه تفيضان بالدمع :( إني
أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال )ولكن سرعان ما غشته
السكينة واشرق وجهه وأرْهِفَت أذناه للسمع كما لو كان هناك من يحادثه ،
ولعله سمع ما وعده الرسول -صلى الله عليه وسلم- :( عبد الرحمن بن عوف
في الجنة )
عودة الى الصفحة الرئيسة |
الثلاثاء، 25 أكتوبر 2016
- تعليقات بلوجر
- تعليقات الفيس بوك
Item Reviewed: عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
Rating: 5
Reviewed By: chalhaoui